Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الفكر

طوفان الأقصى: علامة تحول أم بداية نهضة؟ تحليل د. عبد الرزاق مقري

يقدم هذا المقال تحليلاً معمّقاً للحديث الذي ألقاه الدكتور عبد الرزاق مقري في بودكاست الشرق، حول “طوفان الأقصى” وارتباطه بمسار النهضة الحضارية للأمة الإسلامية. يناقش مقري فيه أزمة النظام الرأسمالي العالمي، ودور الإسلام كبديل حضاري، والتحديات التي تواجه التيارات الإسلامية في الوصول إلى الحكم، وآفاق التغيير في المنطقة العربية.

أزمة النظام الرأسمالي ونهاية منظومة فكرية:

يبدأ مقري حديثه بتأكيد اقتراب نهاية المنظومة الرأسمالية الحالية، بسبب عجزها عن الاستمرار. ويشير إلى ممثل الاتحاد الأوروبي الذي أعلن في محاضرة بلبنان خطورة الوضع الاقتصادي العالمي، مؤكداً أن الحل يكمن في الفكر الاقتصادي الإسلامي. لكن هذا الحل، بحسب مقري، يتطلب تطوير أدواتٍ وتقنيناتٍ عملية لتطبيق النظريات الإسلامية.

الاستنهاض الحضاري: بين الفكرة، العصبة، والدولة:

يربط مقري “طوفان الأقصى” بكتابِه “الاستنهاض الحضاري وتحدي العبور”، مؤكداً أن أحداثُه أثبتت صحة المقاربات النظرية الواردة فيه. ويُحدد ثلاث مراحل أساسية في تشكيل الحضارات:

  1. مرحلة الفكرة: تبدأ الحضارة بفكرة، غالباً ما تكون دينية، يحملها شخص أو عصبة (مجموعة مؤثرة، قد تكون جيشاً أو حركات تنظيمية أو مؤسسات إعلامية).
  2. مرحلة انتشار الفكرة: تنتقل الفكرة من نطاقها الفكري والتنظيمي لتُصبح ظاهرةً اجتماعيةً راسخةً.
  3. مرحلة الدولة: تُطالب الفكرة الراسخة بالانتقال إلى الدولة، مما يؤدي إلى نهضةٍ حضاريةٍ تُنتج مخرجاتٍ ماديةً (جامعات، صناعة، قوة عسكرية…). ثم تتحول هذه النهضة إلى حضارةٍ عالميةٍ متى ما تنافست منتجاتُها في الأسواق العالمية. أما السقوط، فيحدث بالعكس، حيث تسقط الحضارة أولاً، ثم الدولة.

يُطبق مقري هذه النظرية على الحضارة الإسلامية، مشيراً إلى سقوط الحضارة الإسلامية قبل الدولة بقرون، ثم سقوط الدولة العثمانية كحدثٍ تاريخيٍّ غير مسبوقٍ، أدى إلى محاولاتٍ لإخراج الفكرة الإسلامية من المجتمع. لكنه يشدد على دور المجددين الذين حافظوا على الفكرة وأعادوها إلى المجتمع، مما أدى إلى حركة إحياءٍ دينيةٍ.

فشل التيارات الإسلامية في الوصول للحكم: أسباب وتحديات:

ينتقل مقري إلى تحليل أسباب فشل التيارات الإسلامية في تحقيق نهضةٍ حقيقيةٍ، رغم عودتها القوية للمجتمع:

  • الصدّ الخارجي: من القوى الدولية، وخاصة الغربية، لأسبابٍ تاريخيةٍ، فكريةٍ، ومصالحية.
  • الصدّ الداخلي: من الأنظمة الحاكمة التي ترى في التيارات الإسلامية تهديداً لسلطتها.
  • الضعف الفكري: عدم قدرة التيارات الإسلامية على تقديم منظومةٍ فكريةٍ متكاملةٍ تستجيب للتحديات الجديدة.
  • التحول من فقه الدعوة إلى فقه الدولة: يؤكد مقري ضرورة الانتقال من التركيز على الدعوة الدينية إلى تطوير فقهٍ سياسيٍ واقتصادي واجتماعي ينسجم مع الواقع المعاصر.
  • التحدي المزدوج (الصيرورة التاريخية والحتمية النصية): يُشدد على ضرورة مواءمة الاستجابة التاريخية للحتمية النصية في التجديد الديني (حديث النبي عن المجدد كل مئتي سنة).

ويوضح مقري أن انتقال الفكرة الإسلامية إلى الدولة ليس خياراً، بل حتميةٌ تاريخيةٌ، وأن الحركات الإسلامية توجهت إلى العمل السياسي بفعل الضغط المجتمعي. ويرى أن الخطأ ليس في العمل السياسي ذاته، بل في عدم امتلاك القيادات الإسلامية للقدرة على التجديد والابتكار، وتقديم نظُمٍ جديدةٍ تسمح بالانتقال السلس إلى الدولة.

طوفان الأقصى: حالة سنية وتغيير جوهري:

يرى مقري أن “طوفان الأقصى” جاء كاستجابةٍ لحالةٍ من الاحتباس والتوقف في التيار الإسلامي، حيث أصبحت الحركات الإسلامية إما تحت الاستئصال، أو تحت الإدماج في الأنظمة، مما أدى إلى فقدانها لقدرتها على التغيير.

ويعتبر “طوفان الأقصى” حالةً سنيةً (أي حدثاً إلهياً) تتجاوز القدرات البشرية، أدت إلى:

  • انقلاب الموازين: إذلال الجيش الإسرائيلي، وتغيير الرواية العالمية عن الصراع.
  • ثبات الفلسطينيين: تمسكهم بأرضهم رغم القصف والحصار.

ويرى أن “طوفان الأقصى” ليس نقطة نهاية، بل بدايةٌ لواقعٍ جديدٍ نحو تحرير فلسطين والعالم من هيمنة النظام الرأسمالي.

الدولة الحديثة والدولة في المنظور الإسلامي:

يُناقش مقري الفرق بين الدولة الحديثة والدولة في المنظور الإسلامي، مؤكداً أن الدولة الحديثة دولةٌ مهيمنةٌ، بينما الدولة الإسلامية دولةٌ تحمي الحريات وتُوفر العدالة وتُشجّع المجتمع على التطور الذاتي. ويشير إلى أزمة الدولة الحديثة التي تتمثل في هيمنة القوى المالية على القرار السياسي، مما أدى إلى تآكل العقد الاجتماعي وتفشي الفقر وعدم المساواة.

ابن خلدون والعصب المتجددة:

يُحلل مقري نظرية ابن خلدون في العصبية، مشيراً إلى ظهور عصبٍ جديدةٍ في العصر الحديث (الجيش، اللوبيات، الإعلام، التنظيمات السياسية…). ويؤكد ضرورة أن تُدرك التيارات الإسلامية هذه العصب لتُقيم تحالفاتٍ فعّالةٍ.

الخلاصة: نحو نهضةٍ حضاريةٍ جديدة:

يُختتم مقري حديثه بتأكيد ضرورة التجديد والابتكار في التفكير الإسلامي، وأن “طوفان الأقصى” هو فرصةٌ لتغيير الأنظمة والانتقال إلى نهضةٍ حضاريةٍ جديدةٍ، تُعالج مشاكل الأمة العربية والإسلامية وحتى العالم بأسره. ويُشدد على ضرورة التحول من التركيز على العمل السياسي إلى إشراك المجتمع بشكلٍ واسعٍ من خلال مؤسسات المجتمع المدني لتحقيق الاستنهاض الحضاري.

شاهد الحلقة كاملة ولا تنس التعليق والمشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى