Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
عالم السياسة

أي مستقبل ينتظر السلطويات العربية بعد سقوط نظام الأسد؟

مقدمة:

يشهد العالم العربي تحولات متسارعة، وتتجه الأنظار نحو مستقبل الأنظمة السلطوية في ظل التغيرات الإقليمية والدولية. يعتبر سقوط نظام الأسد في سوريا، بمثابة زلزال سياسي واجتماعي، يطرح تساؤلات جوهرية حول مصير هذه الأنظمة، وتأثير ذلك على المنطقة بأسرها. في هذا المقال التحليلي، نستعرض رؤى الدكتور خليل العناني، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، حول مستقبل السلطويات العربية في ضوء هذه الأحداث المتسارعة، مع التركيز على العوامل الداخلية والخارجية التي تشكل هذا المستقبل.

مستقبل السلطويات العربية في ظل التحولات الإقليمية: تحليل عميق

أطوار الدولة العربية السلطوية: رحلة عبر التاريخ

يستهل الدكتور العناني تحليله بتفكيك أطوار الدولة العربية السلطوية عبر مراحل تاريخية، حيث يشير إلى أننا نعيش حاليًا في آخر هذه الأطوار. يحدد خمس مراحل رئيسية مرت بها الدولة العربية، بدأت بطور الدولة الوطنية في النصف الأول من القرن العشرين، والتي تميزت بالسعي إلى الاستقلال الوطني وبناء الدولة الحديثة. ويشير إلى أن هذا الطور فشل في تحقيق استقلال حقيقي، وفي التنمية الشاملة.

ثم ينتقل إلى الطور الثاني، وهو طور الدولة القومية العربية، الذي تجسد في تجربة عبد الناصر والوحدة العربية، التي انتهت هي الأخرى بالفشل، تاركة وراءها كوارث. تلاه طور الدولة البيروقراطية، الذي سعى إلى تحقيق التنمية من خلال دعم القطاع الخاص، لكنه انتهى بتضخم الجهاز البيروقراطي والأمني. ثم تطرق الطور الرابع، وهو محاولة إنشاء دولة إسلامية، تجسدت في تجربة السودان، التي انتهت بالتقسيم والفشل. أما الطور الخامس، فهو ما يسميه نموذج “دولة العصابة أو الطائفة”، المتجسد في تحالف رجال الأعمال مع السلطة أو حكم الطوائف.

لماذا فشلت الدولة العربية السلطوية؟

يرى الدكتور العناني أن السبب الجوهري لفشل الدولة العربية السلطوية هو أن الشعوب العربية لم تكن يومًا طرفًا أصيلًا في بناء هذه الدولة. يوضح أن الدولة العربية لم تنشأ نتيجة لعقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم، بل فُرضت من أعلى بواسطة نخب غير ممثلة لشعوبها. ويؤكد أن هذه الأنظمة قامت على معادلة صفرية، حيث إما السلطة أو المجتمع، مما أدى إلى تهميش وقمع المجتمعات المدنية.

سقوط نظام الأسد: زلزال مجتمعي وسياسي

يصف الدكتور العناني سقوط نظام الأسد بأنه زلزال مجتمعي وسياسي جيوسياسي إقليمي ودولي. يرى أن هذا السقوط يمثل نهاية طور من أطوار الدولة السلطوية العربية، ويؤكد أن هذا النظام، الذي كان يعتبر من أكثر الأنظمة تطرفًا واستبدادًا في العالم، انهار في 12 يوم فقط، على الرغم من اعتماده الكبير على الدعم الخارجي.

عودة الإسلام السياسي: مفارقة في المشهد السوري

يشير الدكتور العناني إلى أن سقوط نظام الأسد يتزامن مع عودة الإسلام السياسي إلى المشهد بقوة، بعد محاولات قمع وإقصاء استمرت لسنوات. يرى أن هذه العودة تمثل مفارقة كبيرة، وتؤكد أن القمع والإقصاء ليسا الحل مع الحركات الإسلامية، بل يجب دمجها في العملية السياسية.

ثلاثة نماذج للتغيير السياسي: تحليل معمق

يحلل الدكتور العناني ثلاثة نماذج للتغيير السياسي، الأول: التغيير من أعلى، حيث تدرك القيادة السياسية أن تكلفة البقاء أكبر من تكلفة التغيير، فتتجه نحو الإصلاحات. الثاني: التغيير من أسفل، حيث تسعى حركات اجتماعية وسياسية للتغيير، نتيجة لأوضاع اقتصادية وسياسية صعبة. والثالث: التغيير من الخارج، حيث تقوم قوة دولية بتغيير النظام. ويؤكد أن التغيير الأكثر فاعلية واستدامة هو التغيير من الداخل، الذي يمثل قوة المجتمع الحي.

السلطة مقابل الدولة: المعادلة المدمرة

يرى الدكتور العناني أن الأنظمة السلطوية العربية لا تتردد في التضحية بالدولة والمجتمع من أجل البقاء في السلطة. يوضح أن هذه الأنظمة، بدلًا من أن تكون خادمة للمجتمع، تتحول إلى قوة قاهرة ومتسلطة، تسعى إلى قمع أي محاولة للتغيير.

الربيع العربي: لم يفشل بل تم إفشاله

يؤكد الدكتور العناني أن الربيع العربي لم يفشل فشلًا ذاتيًا، بل تم إفشاله نتيجة تحالفات بين قوى داخلية وأنظمة خارجية. يشير إلى أن هناك دائمًا موجة مضادة لأي موجة تحول ديمقراطي. ويذكر تجارب تاريخية في أوروبا وأمريكا اللاتينية، حيث واجهت موجات التحول الديمقراطي موجات مضادة، لكنها انتهت بتحقيق الديمقراطية في النهاية.

دور القوى الإقليمية والدولية: تحالفات ومصالح

يتطرق الدكتور العناني إلى دور القوى الإقليمية والدولية في الأحداث الجارية. يرى أن هناك تحالفًا مدنسًا بين الصهيونية والاستبداد، حيث يخدم كل منهما الآخر. ويشير إلى أن بعض الأنظمة العربية تتجه نحو التطبيع مع إسرائيل من أجل البقاء في السلطة. كما يتحدث عن دور تركيا المتزايد في المنطقة، وعن التحديات التي تواجهها أمريكا في ظل الصراع مع الصين وروسيا.

تداعيات سقوط الأسد: سيناريوهات محتملة

يرى الدكتور العناني أن سقوط نظام الأسد سيكون له تداعيات كبيرة على المنطقة، حيث سيؤدي إلى:

  • تأثير نفسي كبير على الأنظمة السلطوية العربية.
  • صعود التيار الإسلامي بقوة.
  • تغيير في التوازنات الإقليمية.
  • خسارة مروعة لإيران.
  • دور متزايد لتركيا.
  • تأثير على الوضع الفلسطيني.

مستقبل السلطة الفلسطينية: إلى أين؟

يرى الدكتور العناني أن السلطة الفلسطينية تجاوزها الزمن، وأنها تستخدم أدوات القمع ضد الشعب الفلسطيني. ويؤكد أن هذا القمع سيعجل بسقوطها. كما يرى أن الأنظمة العربية السلطوية تعيش على أنابيب أكسجين خارجية، وإذا رُفعت عنها ستسقط.

هل يتعلم النظام المصري من التجربة السورية؟

يشكك الدكتور العناني في أن النظام المصري سيتعلم من التجربة السورية، لأنه يعتقد أن مجرد تقديم تنازلات للمجتمع يعني تقويض سلطته وسقوطه. ويؤكد أن هذا النظام يخشى التغيير والإصلاح، ويعتقد أنه قادر على الاستمرار بنفس الطريقة، وهو ما يراه غير صحيح.

ترامب والإسلام السياسي: تحولات محتملة

يحلل الدكتور العناني موقف ترامب من الإسلام السياسي، مشيرًا إلى أن ترامب قد يقدم على خطوات غير متوقعة في هذا الملف، كما فعل في قضايا أخرى، وذلك بسبب طبيعته غير التقليدية. يؤكد الدكتور العناني أن الحركات الإسلامية هي جزء أصيل من المجتمعات العربية، وأنه لا يمكن التخلص منها بالقمع والإقصاء، بل يجب دمجها في العملية السياسية.

الصراع العالمي: تحولات في موازين القوى

يرى الدكتور العناني أن العالم يشهد صراعًا عالميًا بين القوى الكبرى، يتمثل في الصراع بين أمريكا والصين، والصراع بين أمريكا وروسيا. ويؤكد أن هذه الصراعات لها تداعيات كبيرة على المنطقة العربية والعالم. ويشير إلى أن النموذج الأمريكي يتآكل، وأن هناك مؤشرات على تراجع قوته وتأثيره في العالم.

تأثير طوفان الأقصى على الوعي الأمريكي: تحول في السردية الصهيونية

يؤكد الدكتور العناني أن طوفان الأقصى أحدث تحولًا كبيرًا في الوعي الأمريكي والعالمي تجاه القضية الفلسطينية. يشير إلى أن جيل التيك توك لم يعد مقتنعًا بالسردية الصهيونية، وأن هناك حراكًا طلابيًا غير مسبوق في الجامعات الأمريكية، يرفض جرائم إسرائيل. يوضح أن هذه التحولات لها تأثير على الانتخابات الأمريكية، وأن القضية الفلسطينية أصبحت مؤثّرة في تحديد نتائجها.

ترامب والرئاسة: هل سيغير الوضع؟

يشير الدكتور العناني إلى أن ترامب يمثل حالة فريدة في السياسة الأمريكية، فهو خارج المؤسسة السياسية، وقراراته غير متوقعة. ويؤكد أن صعود ترامب قد يدفع الأنظمة العربية إلى تسريع عمليات المصالحة، والوصول إلى مكاسب قبل وصوله إلى السلطة.

هل يشهد العالم صعودًا جديدًا للإسلام السياسي؟

يرى الدكتور العناني أن الإسلام السياسي موجود دائمًا في المجتمعات العربية، وأنه يمر بمراحل صعود وهبوط، لكنه لا يختفي. ويؤكد أن الإسلام السياسي هو جزء من الهوية العربية والإسلامية، وأن القمع والإقصاء ليسا الحل معه، بل يجب دمجه في العملية السياسية.

خاتمة:

يتركنا هذا التحليل العميق أمام تساؤلات جوهرية حول مستقبل المنطقة العربية، ومصير الأنظمة السلطوية. يؤكد الدكتور العناني أن التغيير قادم لا محالة، وأن الشعوب العربية ستنتصر في النهاية، ولكن يبقى السؤال: كيف سيكون هذا التغيير؟ وهل ستتعلم الأنظمة من أخطائها؟ أم ستستمر في طريق القمع والإقصاء؟ إن الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد شكل المنطقة في المستقبل القريب والبعيد.

شاهد الحلقة كاملة ولا تنس التعليق والمشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى