Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
عالم السياسة

العشرية السوداء في المنطقة..وماذا ينتظر مصر؟

المقدمة

في خضمّ الأحداث المتسارعة التي تعصف بالمنطقة العربية، يطفو على السطح مصطلح “العشرية السوداء” كشبح يلاحق الواقع المرير الذي تعيشه شعوب المنطقة. هذا المصطلح، الذي يختزل سنوات من القمع والاضطهاد واليأس، يثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل المنطقة ومآلات الصراعات الدائرة. في هذا المقال، سنغوص في أعماق هذا المفهوم، مستلهمين تحليلات الدكتور حمزة زوبع، الإعلامي والسياسي المصري، لنرصد مظاهر “العشرية السوداء” وتداعياتها، مع التركيز على الوضع المصري، وما ينتظر المنطقة من تحولات في ظل هذه الظروف المضطربة.

العشرية السوداء: قراءة في الواقع العربي المتردي

مفهوم “العشرية السوداء” وتجلياته

يؤكد الدكتور حمزة زوبع أن “العشرية السوداء” ليست مجرد فترة زمنية عابرة، بل هي مرحلة قاتمة ومغلقة في تاريخ الأمة، تتسم بالقمع الممنهج، وتغييب صوت الشعب، وتكريس الاستبداد. ويشير إلى أن هذه الظاهرة ليست حكرًا على بلد بعينه، بل تتجلى في مختلف أرجاء العالم العربي، وإن اختلفت مسمياتها. ففي الجزائر، كان التدخل العسكري بدعم خليجي وفرنسي في التسعينيات بمثابة إعلان عن بدء هذه العشرية، وذلك من خلال إيقاف المسار الديمقراطي بحجة مكافحة “الإرهاب”. هذه الحجة، التي أصبحت ذريعة لإسكات كل صوت معارض، تطورت لتصبح مبررًا للقمع والاعتقالات الجماعية، والقتل خارج القانون.

مصر: نموذج للعشرية السوداء

في مصر، تجد “العشرية السوداء” تجسيدًا صارخًا لها، حيث يتم استغلال “مكافحة الإرهاب” كغطاء للقضاء على أي معارضة أو صوت حر. فمنذ الانقلاب العسكري في عام 2013، تصاعدت وتيرة القمع والاعتقالات، وأصبحت السجون ممتلئة بالمعتقلين السياسيين، الذين يتجاوز عددهم الستين ألفًا. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل امتد ليشمل الاختفاء القسري، والقتل خارج نطاق القانون، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

يشدد الدكتور زوبع على أن هذه الممارسات لا يمكن مقارنتها بأفعال “الإرهاب الحقيقي”، ففي حين أن “الإرهاب” يرتكب جرائم فردية، فإن “بندقية الحكومة” ترتكب جرائم جماعية، وتُرهب المجتمع بأكمله. ويشير إلى المفارقة الصارخة، حيث أن الذين يقتلون في المظاهرات والاعتصامات السلمية هم مدنيون عزل، وليسوا إرهابيين مسلحين.

تكميم الأفواه وتشويه الحقائق

إحدى أبرز سمات “العشرية السوداء” هي تكميم الأفواه، ومنع أي صوت معارض من الظهور. ففي مصر، يتم إسكات كل من ينتقد النظام، سواء كان ذلك عن طريق الاعتقال، أو الترهيب، أو التشويه الإعلامي. ويتم استخدام مصطلحات مثل “الإرهاب” و”الفوضى” لتشويه صورة المعارضين، وتبرير قمعهم.

ويرى الدكتور زوبع أن هذه السياسة ليست حكرًا على مصر، بل تمتد إلى دول خليجية، حيث يتم كتم الأصوات باسم الدين، وفي سوريا باسم مواجهة العدو الإسرائيلي. هذا الخطاب المزدوج، الذي يدعي محاربة “المؤامرات الخارجية” بينما الأنظمة نفسها تتعاون مع نفس القوى التي تتهمها بالتآمر، يكشف عن زيف هذه الادعاءات.

تداعيات العشرية السوداء على المنطقة

فلسطين: مأساة مستمرة

تتجسد مأساة “العشرية السوداء” بشكل خاص في فلسطين، حيث يزداد الوضع سوءًا يومًا بعد يوم. فبعد “طوفان الأقصى”، اشتدت الهجمة الإسرائيلية على غزة، وارتكبت المجازر بحق المدنيين، ودُمرت البنية التحتية، وتفاقمت الأزمة الإنسانية. هذه الأحداث، التي تعيد إلى الأذهان صورًا من الماضي القريب، تكشف عن مدى هشاشة الوضع الإقليمي، وعن تخاذل الأنظمة العربية في نصرة القضية الفلسطينية.

لبنان وسوريا: ضحايا للصراعات الإقليمية

لم يسلم لبنان وسوريا من تداعيات “العشرية السوداء”، حيث يعاني البلدان من أزمات سياسية واقتصادية وأمنية متفاقمة. ففي لبنان، تسببت الصراعات الإقليمية في تدمير البنية التحتية، وتشريد السكان، وتعميق الانقسامات الداخلية. وفي سوريا، لا تزال الحرب مستمرة، وتتفاقم الأوضاع الإنسانية، ويتشرد الملايين، ويعاني المعتقلون في السجون من أهوال التعذيب.

هل من أمل في المستقبل؟

رغم الصورة القاتمة التي رسمها الدكتور زوبع للوضع الراهن، فإنه لا يزال يرى بصيصًا من الأمل في المستقبل. ويؤكد أن الشعوب العربية، رغم كل ما تعانيه من قمع واضطهاد، لا تزال قادرة على التغيير، وأن “الربيع العربي” لم يمت، بل هو في حالة كمون، وسوف ينفجر في وجه الظلم والاستبداد.

ويشير إلى أن “طوفان الأقصى” قد كشف عن حقيقة الأنظمة العربية، وعن مدى تواطؤها مع العدو الصهيوني، الأمر الذي ساهم في رفع مستوى الوعي لدى الشعوب، وزيادة الغضب الشعبي ضد هذه الأنظمة. ويتوقع أن هذا الغضب سوف ينفجر في مكان ما، وفي وقت ما، وسوف يؤدي إلى تغييرات جذرية في المنطقة.

مصر بين مطرقة الاستبداد وسندان التغيير

الجيش المصري: أداة القمع أم قوة التغيير؟

يرى الدكتور زوبع أن الجيش المصري، الذي يُفترض أن يكون حاميًا للوطن، قد تحول إلى أداة للقمع والاستبداد. ويشير إلى أن القيادة العسكرية الحالية تعمل على غرس الولاء الشخصي للقائد الأعلى في نفوس الضباط، وتقضي على أي حس بالوطنية الحقيقية. كما يشير إلى أن الجيش أصبح يسيطر على قطاعات واسعة من الاقتصاد، ويستغل نفوذه لتحقيق مكاسب شخصية، على حساب مصلحة الوطن والشعب.

هل يتعلم السيسي من أخطاء الماضي؟

يتساءل الدكتور زوبع، باستنكار، عما إذا كان السيسي سيتعلم من الأخطاء التي ارتكبت في سوريا، ويقوم بإصلاحات حقيقية، أو سيصر على نهجه القمعي، ويعيد إنتاج نفس السيناريو المأساوي. ويرى أن المؤشرات الحالية لا تدعو إلى التفاؤل، وأن السيسي، مثله مثل غيره من الطغاة، لا يرى في الشعب إلا عدوًا يجب قمعه وتهميشه.

سيناريوهات المستقبل ومآلاتها

يختتم الدكتور زوبع تحليله بالإشارة إلى أن المنطقة مقبلة على تغييرات جذرية، وأن “العشرية السوداء” ستنتهي حتمًا، وأن “الربيع العربي” قادم لا محالة، ولكن مع اختلاف في التفاصيل والتكتيكات. ويشدد على أن هذه التغييرات لن تأتي بين عشية وضحاها، بل ستكون نتيجة لعملية نضالية طويلة الأمد، تتطلب تضافر جهود كل القوى الوطنية، وتوحيد الصفوف في مواجهة الاستبداد.

الخاتمة

في الختام، يتبين لنا أن “العشرية السوداء” ليست مجرد مصطلح عابر، بل هي واقع مرير تعيشه شعوب المنطقة، وتتطلب منا وقفة جادة للتفكير في أسبابها وتداعياتها، وفي كيفية الخلاص منها. فالمعركة الحقيقية ليست بين الشعوب والأنظمة، بل بين الظلم والعدل، بين الاستبداد والحرية، وبين اليأس والأمل. وفي هذا الصراع، لا بد أن نؤمن بأن الشعوب قادرة على الانتصار، وأن فجر الحرية قادم لا محالة، مهما طال الليل.

شاهد الحلقة كاملة ولا تنس التعليق والمشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى