Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
عالم السياسة

ما خفي أعظم: طوفان الأقصى – قراءة في عملية هزت الشرق الأوسط

مقدمة:

في صبيحة السابع من أكتوبر عام 2023، استيقظ العالم على وقع عملية عسكرية غير مسبوقة أطلقتها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ضد مواقع عسكرية ومستوطنات إسرائيلية محاذية لقطاع غزة. عملية “طوفان الأقصى”، كما أُطلق عليها، شكلت زلزالاً هز المنطقة بأسرها، وأثارت تساؤلات عميقة حول دوافعها، أهدافها، وتداعياتها على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومستقبل المنطقة. بعد مرور أكثر من عام على هذه العملية وما تبعها من حرب مدمرة على غزة، يظل المشهد ضبابياً، وتتصارع الروايات، بينما تستمر ارتدادات “الطوفان” في التأثير على المنطقة والعالم.

في هذا المقال، نغوص في تفاصيل عملية “طوفان الأقصى” اعتماداً على شهادات حصرية ووثائق سرية كُشف عنها مؤخراً، لنقدم تحليلاً موضوعياً للأحداث، ونحاول فهم الأبعاد المختلفة لهذه العملية المفصلية، وتأثيرها على مسار الصراع.

1. التخطيط والإعداد لعملية “طوفان الأقصى”: خداع استراتيجي مُحكم

1-1 غرفة العمليات السرية:

    كشفت كتائب القسام مؤخراً عن لقطات حصرية من داخل غرفة العمليات المركزية التي أشرفت على التخطيط لعملية “طوفان الأقصى”. يظهر في هذه اللقطات محمد الضيف، القائد العام لكتائب القسام، وهو يضع اللمسات الأخيرة على خطط العملية قبل أيام من انطلاقها. كما يظهر عز الدين الحداد، عضو المجلس العسكري لحماس، وهو يقود لواء غزة في الجناح العسكري، والذي تتهمه إسرائيل بأنه من أبرز المسؤولين عن العملية.

    1-2 وثيقة أمر العمليات:

      تم الكشف عن وثيقة سرية، وهي أمر العمليات الصادر عن محمد الضيف بتاريخ 5 أكتوبر 2023، أي قبل العملية بيومين. تتضمن الوثيقة قرار بدء عملية “طوفان الأقصى” وتحديد موعد التنفيذ في الساعة السادسة والنصف صباحاً من يوم 7 أكتوبر. تشير الوثيقة إلى حالة انعقاد دائم لقيادة الجهاز العسكري منذ الأول من أكتوبر للمصادقة على الخطط ووضع اللمسات النهائية.

      1-3 تحليل نقاط الضعف الإسرائيلية:

        وفقاً لشهادات قيادات في القسام، بدأ التخطيط للعملية بتحليل دقيق لمنطقة العمليات، خاصة الجدار الأمني الذي يفصل غزة عن إسرائيل. تم رصد نقاط الضعف في الجدار، وتحليل مكوناته الهندسية وآليات المراقبة المتطورة فيه. تم جمع معلومات دقيقة عن المواقع العسكرية والضباط والجنود الإسرائيليين على الحدود، مما مكن القسام من بناء قاعدة معلومات ساهمت في اختراق الجدار الأمني.

        1-4 الخداع الاستراتيجي:

          اعتمدت حماس استراتيجية “الخداع والتضليل” لإخفاء استعداداتها للعملية. تم إيهام إسرائيل بأن حماس منشغلة بتحسين الأوضاع المعيشية في غزة مقابل التهدئة، بينما كان الإعداد للقتال يجري على قدم وساق. هذا الخداع الاستراتيجي، بحسب قيادات في القسام، ساهم في تحقيق عنصر المفاجأة ونجاح العملية في ساعاتها الأولى.

          2. تنفيذ عملية “طوفان الأقصى”: هجوم مُتزامن ومُباغت

          2-1 ساعة الصفر والانطلاق:

            في تمام الساعة السادسة والنصف صباحاً من يوم 7 أكتوبر 2023، صدر الأمر العملياتي ببدء الهجوم الكبير. بدأت العملية بتمهيد ناري مكثف، حيث تم إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف المدفعية على المواقع العسكرية الإسرائيلية المحيطة بغزة والقواعد الجوية.

            2-2 اختراق الجدار والانتشار:

              بعد التمهيد الناري، تمكن الآلاف من مقاتلي القسام من اختراق السياج الأمني من عدة نقاط، مستخدمين وسائل متنوعة برية وبحرية وجوية (طائرات شراعية). انتشر المقاتلون بسرعة ووصلوا إلى 15 موقعاً عسكرياً إسرائيلياً، بما في ذلك قواعد قيادة الفرق العسكرية ومواقع سرية.

              2-3 السيطرة على المواقع العسكرية:

                تمكن مقاتلو القسام من اقتحام والسيطرة على العديد من المعسكرات والقواعد العسكرية الإسرائيلية التابعة لفرقة غزة. شملت هذه المواقع غرف قيادة عمليات، مهاجع جنود، أماكن دبابات وآليات مدرعة، غرف تحكم وتكنولوجيا، وغرف مراقبة استخباراتية. تم توثيق لحظات اقتحام هذه المواقع وسيطرة المقاومين عليها في لقطات حصرية.

                  2-4 أسر الجنود:

                  كان أحد الأهداف الرئيسية للعملية أسر أكبر عدد ممكن من الجنود الإسرائيليين. نجحت حماس وفصائل المقاومة في أسر ما يقارب 250 إسرائيلياً، وفقاً للتقديرات. تم تأمين الأسرى ونقلهم إلى غزة وفق خطط مُعدة مسبقاً.

                  3. دوافع عملية “طوفان الأقصى”: سياق إقليمي ومحلي مُتأزم

                  3-1 التطبيع العربي الإسرائيلي:

                    أحد الدوافع الرئيسية للعملية كان تسارع وتيرة التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، دون ربط ذلك بإقامة دولة فلسطينية مستقلة. رأت حماس في هذا التطبيع تهديداً للقضية الفلسطينية وتهميشاً لحقوق الشعب الفلسطيني.

                    3-2 تصاعد اعتداءات المستوطنين في الضفة:

                      شهد عام 2023 تصاعداً كبيراً في اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك عمليات تهجير واسعة. اعتبرت حماس أن هذه الاعتداءات تتطلب رداً حاسماً لحماية الفلسطينيين في الضفة.

                      3-3 الحصار المتواصل على غزة:

                        استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة منذ عام 2007 وتدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية في القطاع كان دافعاً آخر للعملية. رأت حماس أن الحصار يهدف إلى “الموت البطيء” لسكان غزة، وأن التحرك العسكري هو الخيار الوحيد لكسر هذا الحصار.

                        3-4 تهديدات المسجد الأقصى:

                          تصاعد التهديدات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، بما في ذلك اقتحامات المتطرفين ومحاولات تغيير الوضع القائم، بالإضافة إلى تصريحات استفزازية بحق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كانت محفزاً إضافياً للعملية. رأت حماس أن “طوفان الأقصى” جاء للدفاع عن المقدسات الإسلامية في القدس.

                          3-5 معلومات عن هجوم إسرائيلي وشيك:

                            ذكرت قيادات في القسام أن معلومات استخباراتية وصلت إليهم تؤكد وجود خطط إسرائيلية لشن حرب مدمرة على غزة بعد الأعياد اليهودية مباشرة. بناءً على هذه المعلومات، اعتبرت حماس أن عملية “طوفان الأقصى” كانت “حرباً استباقية” لإفشال المخطط الإسرائيلي.

                            4. تداعيات عملية “طوفان الأقصى”: حرب مدمرة وتغيير في موازين القوى

                              4-1 رد الفعل الإسرائيلي العنيف:

                              كان رد الفعل الإسرائيلي على عملية “طوفان الأقصى” عنيفاً وغير متوقع. شنت إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة استمرت لأشهر، واستهدفت بشكل أساسي المدنيين والبنية التحتية، مما أدى إلى عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، ودمار غير مسبوق.

                              4-2 فشل إسرائيل في تحقيق أهداف الحرب:

                                رغم القصف والتدمير الهائلين، فشلت إسرائيل في تحقيق الأهداف التي أعلنتها للحرب، وهي القضاء على حماس وتحرير الأسرى بالقوة العسكرية. استمرت المقاومة الفلسطينية في القتال وتوجيه الضربات للجيش الإسرائيلي، بينما لم تتمكن إسرائيل من استعادة أسراها إلا عبر المفاوضات.

                                4-3 استقالات وانتقادات في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية:

                                  أدت الهزيمة المذلة والفشل الاستخباري في 7 أكتوبر إلى استقالات متوالية في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وتبادل للاتهامات، وتخبط في المنظومة الاستخبارية. عكست هذه الاستقالات والانتقادات عمق الأزمة التي أحدثتها عملية “طوفان الأقصى” في إسرائيل.

                                  4-4 تحول في الرأي العام العالمي:

                                    ساهمت الحرب على غزة في تحول كبير في الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية. شهد العالم احتجاجات جماهيرية واسعة تندد بالعدوان الإسرائيلي وتدعم حقوق الشعب الفلسطيني. أدى ذلك إلى تراجع قدرة إسرائيل على التحكم في الرواية الإعلامية للصراع.

                                    4-5 تعزيز محور المقاومة:

                                      أدت عملية “طوفان الأقصى” والحرب على غزة إلى تعزيز محور المقاومة في المنطقة. تلقت المقاومة الفلسطينية دعماً واسعاً من قوى إقليمية ودولية، وتجلّى ذلك في مشاركة فاعلة من المقاومة في لبنان واليمن والعراق وإيران في دعم غزة.

                                      خاتمة:

                                      عملية “طوفان الأقصى” شكلت نقطة تحول مفصلية في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كشفت العملية عن هشاشة المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وأعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي. وبينما خلفت الحرب على غزة دماراً هائلاً وخسائر فادحة، إلا أنها أبرزت أيضاً صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على المقاومة.

                                      يبقى السؤال مفتوحاً حول مستقبل الصراع وتداعيات “طوفان الأقصى” على المنطقة. المؤكد أن هذه العملية قد غيرت قواعد اللعبة، وأدخلت الصراع في مرحلة جديدة تتسم بالغموض والاحتمالات المتعددة. ما خفي أعظم، وما ستكشفه الأيام القادمة قد يكون أكثر أهمية وتأثيراً مما ظهر حتى الآن.

                                        تعذر علينا نشر رابط الفيديو ( سياسات اليوتيوب)
                                        لا تنس التعليق والمشاركة

                                        طوفان الأقصى

                                        اترك تعليقاً

                                        لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

                                        زر الذهاب إلى الأعلى