فلسطين ومستقبل تغيرات النظام الدولي: ماذا ينتظر العالم الإسلامي؟

مقدمة:
تناول بودكاست “الشرق” نقاشًا معمّقًا حول التحولات الجارية في النظام الدولي، وتأثيرها على العالم الإسلامي، خاصةً في ضوء الحرب على غزة. شارك في النقاش الدكتور محمد المختار الشنقيطي، أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر، مُسلّطًا الضوء على دور القوى الصاعدة والهابطة، ومدى تأثير ذلك على المنطقة العربية والإسلامية.
الصراع على فلسطين: انعكاسات عالمية:
بدأ النقاش بتأكيد أن الصراع على فلسطين لم يقتصر على نطاق جغرافي محدود، بل امتدّت آثاره لتشمل العالم بأسره. استشهد الشنقيطي بقول الكاتب المصري أحمد حسن الزيات، الذي أشار إلى أن تلاقي الشرق والغرب في فلسطين كان دائماً ما ينتهي “بشروق الشرق وغروب الغرب”، موضحاً أن ذلك يعكس صراعاً بين قوى عالمية متغيرة.
التحول في النظام الدولي: حقيقة أم رغبة؟
طرحت الحلقة تساؤلاً حول حقيقة التحول في النظام الدولي، خاصةً في ظل استمرار الهيمنة الأمريكية الواضحة في بعض القضايا كالحرب على غزة. أجاب الشنقيطي بأن التحول حقيقي، لكنه يختلف من ساحة لأخرى، فبعض الساحات قد تحتفظ فيها قوة دولية بهيمنتها بسبب عدم أهميتها للقوى الأخرى. مع ذلك، أكد على أهمية قضية فلسطين وارتباطها بالتحولات الدولية.
صعود الصين: مدارس التحليل والتعامل:
تطرّق النقاش إلى صعود الصين كقوة عالمية صاعدة، مُميّزاً بين عدة مدارس فكرية تُحلّل هذا الصعود وكيفية التعامل معه:
- المدرسة الصينية: تُشدّد على سلمية النهوض الصيني، وأن صعودها ليس تهديداً لأحد.
- مدرسة الصراع الحتمي: ترى أن الصراع بين القوة الصاعدة (الصين) والقوة السائدة (أمريكا) حتمي، مُستشهدةً بآراء باحثين أمثال جراهام أليسون وجون ميرشايمر.
- مدرسة التعايش: تُؤمن بإمكانية تعايش القوتين بدون صدام أو تحالف، مُستشهدةً بآراء مثل كيفن رود.
- وجهة النظر الروسية: تُعبّر عن صحوة قومية روسية، وترى في صعود الصين فرصة لتعزيز نفوذها في مواجهة الغرب.
- وجهة النظر الآسيوية: تُجسّدها كتابات كشور محبوبان، التي تُرحّب بصعود الصين وتعتبر القرن الحادي والعشرين قرناً آسيوياً.
الجغرافيا السياسية للعالم الإسلامي:
حدّد الشنقيطي الجغرافيا السياسية للعالم الإسلامي بأربع قوى فاعلة (الصين، الولايات المتحدة، روسيا، وأوروبا)، وأربع قوى مفاعلة (العالم الإسلامي، الهند، أفريقيا، وأمريكا اللاتينية). وصف العالم الإسلامي بأنه منطقة بينية تقع في قلب “الجزيرة العالمية” (أوروبا، آسيا، وأفريقيا)، مُستشهداً بنظرية جمال حمدان حول “مورفولوجيا العالم الإسلامي” على شكل هلال ذي قلب (الجزيرة العربية) وجناحين. كما اقترح تقسيم العالم الإسلامي إلى شطرين: بري وبحري، مُسلّطًا الضوء على أهمية المضائق والبحار المغلقة في استراتيجية المنطقة.
مواصفات العالم الإسلامي الجيوبوليتيكية:
حدّد الشنقيطي بعض الخصائص الجيوبوليتيكية للعالم الإسلامي:
- منطقة بينية: ليست تابعةً للقوى البرية أو البحرية الكبرى.
- بحار مغلقة: بحر متوسط، البحر الأسود، والبحر الأحمر.
- مضائق استراتيجية: سبعة من أهم ثمانية مضايق عالمية.
وضع العالم الإسلامي: حزام متصدع أم منطقة ارتطام؟
استخدم الشنقيطي مصطلحي “الحزام المتصدع” و”منطقة الارتطام” لوصف وضع العالم الإسلامي، مؤكداً على هشاشته الداخلية وأهميته للقوى الخارجية.
الحرب على غزة: انعكاسات عالمية:
ختم الشنقيطي بالحديث عن الحرب على غزة، مُشدّداً على أن الصراع على فلسطين ليس محلياً، بل له انعكاسات عالمية واسعة. أوضح أن العبث بالبيئة الاستراتيجية المحيطة بفلسطين (مصر، بلاد الشام، العراق، الأناضول) هو مفتاح السيطرة عليها، مُستشهداً بأمثلة تاريخية كالحروب الصليبية والاستعمار البريطاني. أشار إلى أن حرب غزة شحنت البركان العربي الخامد، متوقعاً انفجاراً جديداً يُغيّر المعادلات الدولية في صالح القوى الشرقية.
الخاتمة:
اختتم البودكاست بمناقشة المسارات الممكنة للعالم الإسلامي في وجه التغيرات الدولية، مُسلّطاً الضوء على أهمية بناء مناعة ذاتية والتفكير العملي في الاستفادة من التصدعات في النظام الدولي للتفاوض مع القوى العالمية بذكاء واحترافية.






