رحلة من الضلال إلى الهداية: تطوير الذات الزائف وعبادة الطاقة الشيطانية

مقدمة:
في عالم يزدحم بالدعوات المتناقضة والبحث المحموم عن الذات، تبرز قصصٌ تُنذر وتُلهم في آنٍ واحد. قصة حنين، التي انزلقت في متاهات تطوير الذات الزائف والعلاج بالطاقة، هي شهادة حية على خطورة الانجراف وراء الأوهام والوعود البراقة التي تُغلف في ظاهرها حلولًا، بينما تخفي في باطنها أهدافًا شيطانية. هذه ليست مجرد قصة شخصية، بل هي صرخة تحذير لكل باحث عن الحقيقة، ولكل من يسعى إلى السكينة في مساراتٍ قد تبدو مُغرية ولكنها تقود إلى الضياع. في هذا المقال، سنستعرض رحلة حنين بتفصيل، محللين الأفكار والمفاهيم التي وقعت ضحية لها، وكاشفين عن الخيوط الخفية التي تربط بين “تطوير الذات” وعبادة الشيطان.
البداية: بحث عن الخلاص في متاهة الطاقة
أعراض غريبة ونقطة تحول
بدأت رحلة حنين في البحث عن الذات عندما واجهت أعراضًا غريبة ومشاكل عائلية بعد ولادة طفلها الأول. كانت تعاني من عدم القدرة على البكاء، وشعور بالكتمة والضيق، بالإضافة إلى أعراض أخرى غريبة مثل سماع طرقات في الليل. في هذه الظروف، كانت تعاني أيضًا من تذبذب في التزامها الديني، مما جعلها أكثر عرضة للوقوع في براثن الأفكار الضالة.
الانجذاب إلى “خبراء” الطاقة والوعي
في ظل هذا التخبط، بدأت حنين بالانجذاب إلى شخصيات تدعي الخبرة في مجال “الطاقة والوعي”، مثل أحمد عمارة وإيهاب حمارنة وغيرهم. كانت هذه الشخصيات تقدم وعودًا بتغيير الحياة وتحقيق السعادة، ما جذب حنين التي كانت تبحث عن حل لمشاكلها. كان المدخل الأول لها هو نور كايزن، التي قدمت لها كورسًا في “الكينونات” والتأملات.
التيه في عالم الكينونات والتأملات المضللة
الكينونات: أرواح ضائعة أم شياطين متخفية؟
أدخلت نور كايزن حنين إلى عالم “الكينونات”، وهي كائنات غير مرئية تُصور على أنها أرواح ضائعة أو متمرّدة، أو حتى مرشدة روحية. أُقنعت حنين بأن هذه الكائنات يمكن أن تلتصق بها وتؤثر في حياتها. كانت الفكرة الأساسية هي أن هذه الكينونات تحتاج إلى التوجيه نحو النور، وأن حنين يمكن أن تلعب دورًا في هذه العملية. هنا، بدأت حنين تلاحظ تغيرات في طريقة تفكيرها ومنطقها، وشعورًا بالتغييب وكأن هناك من يغير إعدادات عقلها.
التلاعب بالقرآن والتأملات الشيطانية
استخدمت نور كايزن آيات من القرآن، مثل “وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ”، لتبرير أفكارها المضللة. كان التفسير المشوّه للآية هو أن طريقة السؤال هي الأهم وليس الدعاء نفسه. بالإضافة إلى ذلك، كانت التأملات التي مارستها حنين تتضمن فتح “الشاكرات العلوية” واستخدام الشموع، وهي طقوس لها جذور في ممارسات سحرية وشيطانية.
أعراض غريبة وتجربة مرعبة
أثناء التمارين والتأملات، تعرضت حنين لأعراض غريبة مثل رؤية ظلال الشموع تتشكل على هيئة وردة اللوتس، وظهور دخان أسود يدخل في جسد ابنها النائم، وشعور بالضيق عند قراءة آية الكرسي. هذه الأحداث لم تدفع حنين إلى التشكيك في هذه الممارسات بل زادتها إيمانًا بأنها بدأت ترى ما وراء الحجاب.
الانتكاسة والبحث عن العلاج: دوامة الكورسات والجلسات
الانتكاسة والبحث عن حلول أخرى
بعد فترة قصيرة من التحسن الظاهري، بدأت حنين تعاني من انتكاسة حادة، حيث لم تعد قادرة على الالتزام بالكورسات والتأملات، وشعرت بالعجز والضياع. دفعت هذه الانتكاسة حنين إلى البحث عن حلول أخرى، فدخلت في كورس آخر مع إيهاب حمارنة يتضمن “تأملات كيميائية” تهدف إلى تحويل الصفات السلبية إلى إيجابية.
الطفل الداخلي والبحث عن الصدمات
قادت هذه التأملات حنين إلى استرجاع صدمة من الطفولة، مما دفعها إلى أخذ جلسات “الطفل الداخلي” مع العديد من المدربين. ورغم هذه الجلسات والكورسات، لم تتحسن حالة حنين بل كانت تتحسن لفترة وجيزة ثم تنتكس نحو الأسوأ.
السقوط في براثن “الأكسس” والليلة المظلمة للروح
“الأكسس بارز”: التقنية السحرية المدمرة
وصلت حنين إلى مرحلة أسوأ عندما دخلت في كورس “الأكسس بارز” الذي كان يعتبر كارثة حقيقية. بدأت بتطبيق هذه التقنية على الآخرين، ولكنها تعرضت لتجربة مرعبة تُعرف بـ “الليلة المظلمة للروح”، وهي فترة من العذاب النفسي والأسئلة الوجودية التي دفعتها إلى التفكير في الانتحار. في هذه الفترة، وصلت حنين إلى حالة من اليأس وفقدان الأدب مع الله، حتى أنها فكرت في طريقة مناسبة للانتحار.
التدخل الإلهي: التاريض والعودة إلى الفطرة
في لحظة يأس، قررت حنين الخروج في نزهة في الحديقة مع زوجها. هناك، مشت حافية القدمين على التراب، وهي ممارسة تعرف بـ “التاريض”. كانت هذه التجربة بمثابة نقطة تحول حقيقية، حيث تلاشت مشاعر اليأس والانتحار بشكل مفاجئ. هذه التجربة جعلت حنين تدرك أهمية التاريض وأهمية العودة إلى الفطرة.
الهداية والعودة إلى الحق
الدعاء والتضرع: مفتاح الهداية
بعد تجربة التاريض، تضرعت حنين إلى الله أن يهديها ويرزقها اتباع الحق واجتناب الباطل. كانت هذه الدعوة مصحوبة بفتح الفيسبوك مصادفة ورؤية تعليق من فتاة عرضت عليها المساعدة. هذه الفتاة قادت حنين إلى مدرب يقدم جلسات بسعر معقول، وكان التركيز في الجلسات على المشاكل الحقيقية التي تعاني منها.
اكتشاف الحقيقة والرموز الشيطانية
من خلال هذه الجلسات، بدأت حنين تكتشف الخيوط التي تربط بين “تطوير الذات” وبين عبادة الشيطان. كانت ترى صورًا بافوميت ورموزًا شيطانية أخرى في المواد التي كانت تستخدمها المدربات. كما اكتشفت أن الكثير من المفاهيم التي كانت تتبناها هي في الواقع جزء من حركة العصر الجديد التي تسعى إلى تقويض القيم الدينية والأخلاقية.
العودة إلى القرآن والسنة
بعد أن انكشف لها زيف هذه الممارسات، عادت حنين إلى القرآن والسنة. بدأت تختم القرآن وتواظب على الصلاة، وشعرت بانشراح صدر حقيقي. كما رأت حلمًا يوضح لها أن الشيطان كان يبحث عنها بشدة، ولكنها كانت محمية بفضل القرآن.
التحول الجذري والتثبيت
بعد الهداية، تحولت حياة حنين بشكل جذري. عادت إلى الحجاب بإرادتها، وتحسنت علاقتها بزوجها وأطفالها، وتخلصت من مشاعر الكراهية تجاه والدها المتوفى. أدركت حنين أن الراحة الحقيقية والسكينة لا يمكن أن توجد إلا في طاعة الله واتباع سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
ملخص:
في هذا المقال، استعرضنا رحلة حنين المليئة بالصراعات والتحولات، وكيف انزلقت في متاهات تطوير الذات الزائف والعلاج بالطاقة، وكيف قادتها هذه الممارسات إلى براثن عبادة الشيطان. حللنا المفاهيم والأفكار التي وقعت ضحية لها، وكشفنا عن الخيوط الخفية التي تربط بين “تطوير الذات” والممارسات الشيطانية. سلطنا الضوء على أهمية الدعاء والتضرع إلى الله في الهداية، وكيف أن العودة إلى القرآن والسنة هي السبيل الوحيد للوصول إلى الراحة الحقيقية والسكينة. إن قصة حنين هي عبرة لكل باحث عن الحقيقة، ولكل من يسعى إلى السعادة في مساراتٍ قد تبدو مُغرية ولكنها تقود إلى الضياع.
خاتمة:
قصة حنين هي تذكير قوي بأن الطريق إلى السعادة الحقيقية لا يمر عبر الأوهام والوعود البراقة، بل يكمن في العودة إلى الفطرة والتمسك بالدين الصحيح. إن كل من يبتغي الخلاص عليه أن يلجأ إلى الله وحده، وأن يتسلح بالقرآن والسنة، وأن يحذر من كل دعوة تبدو مغرية ولكنها تخفي في باطنها سمًا قاتلًا. قصة حنين هي صرخة تحذير لكل من سلك دروبًا مضللة، ودعوة للتوبة والعودة إلى الحق. إن الله غفور رحيم، وهو وحده القادر على أن يهدينا إلى صراطه المستقيم.