Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
عالم السياسة

عمر البرغوثي يفجّرها: هل المقاطعة خدعة أم سلاح فعال؟

مقدمة:

بعد السابع من أكتوبر، شهد العالم تحولًا جذريًا في الوعي بالقضية الفلسطينية، وبرزت المقاطعة كأداة قوية للتأثير عن بعد. لكن، هل هذه المقاطعة مجدية حقًا؟ وهل هي مجرد ردة فعل عاطفية أم استراتيجية فعالة؟ في هذا المقال، نستضيف السيد عمر البرغوثي، العضو المؤسس لحركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، لنستكشف معه تاريخ الحركة، أهدافها، استراتيجياتها، وتأثيرها على الكيان الإسرائيلي والمجتمع الدولي. سنناقش أيضًا جدوى المقاطعة كأداة وحيدة للدعم، وكيف يمكن أن تتكامل مع أشكال أخرى من المقاومة والنضال من أجل العدالة في فلسطين.

1. ما هي حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)؟

  • التعريف والتأسيس: تأسست حركة BDS في عام 2005 بمبادرة من المجتمع الفلسطيني، كرد فعل على سنوات من الإخفاقات في عملية السلام والاحتلال الإسرائيلي المستمر. BDS هي اختصار لـ “Boycott, Divestment, Sanctions”، وتعني بالعربية “مقاطعة، سحب الاستثمارات، وفرض العقوبات”.
  • الهدف: تسعى BDS إلى الضغط على إسرائيل للامتثال للقانون الدولي من خلال إنهاء الاحتلال، وإنهاء التمييز العنصري (الأبارتايد)، والسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
  • القيادة والهيكلة: تقود الحركة اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة، وهي ائتلاف يضم كافة الأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية الرئيسية، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات. تتسم الحركة باللامركزية، حيث تعتمد على شبكة واسعة من المتطوعين والشركاء حول العالم، دون وجود هيكل هرمي أو عضوية رسمية.

2. لماذا تعتبر إسرائيل حركة BDS تهديدًا استراتيجيًا؟

  • التأثير المتزايد: منذ عام 2014، اعتبرت إسرائيل حركة BDS تهديدًا استراتيجيًا، وبدأت في التضييق عليها ومحاربتها بكل الوسائل. يعود ذلك إلى تصاعد تأثير الحركة وتوسع نطاقها، فلم تعد تقتصر على القواعد الشعبية والطلابية، بل بدأت تؤثر في الحكومات والشركات الكبرى.
  • فضح نظام الأبارتايد: ساهمت BDS في تسليط الضوء على طبيعة النظام الإسرائيلي، ووصفه بأنه نظام استعماري استيطاني وفصل عنصري (أبارتايد). هذا التحليل لقي قبولًا متزايدًا في التقارير الدولية والمنظمات الحقوقية، مما يهدد شرعية إسرائيل ويستدعي فرض عقوبات عليها بموجب القانون الدولي.
  • قطع أواصر التواطؤ: تهدف BDS إلى قطع أواصر التواطؤ بين المؤسسات والشركات والدول مع نظام الاحتلال الإسرائيلي. من خلال المقاطعة وسحب الاستثمارات، تسعى الحركة إلى تجفيف الموارد التي تدعم استمرار الاحتلال والانتهاكات الإسرائيلية.

3. كيف تحارب إسرائيل حركة BDS؟

  • التضييق والتعتيم الإعلامي: تمارس إسرائيل ضغوطًا هائلة على وسائل الإعلام الغربية للتعتيم على أنشطة BDS وتقويض مصداقيتها. كما تسعى إلى ترهيب النشطاء والمؤيدين للحركة من خلال التضييق عليهم ومنعهم من السفر ورفع قضايا قانونية ضدهم.
  • استغلال معاداة السامية: تتهم إسرائيل حركة BDS بمعاداة السامية، بهدف تشويه سمعتها وقمع أنشطتها. تحاول إسرائيل ربط أي انتقاد لسياساتها بمعاداة اليهود، وتستغل هذا الادعاء للضغط على الحكومات والمؤسسات لمنع دعم BDS.
  • التطبيع العربي: تعتبر إسرائيل التطبيع العربي سلاحًا فعالًا ضد حركة BDS. من خلال إقامة علاقات دبلوماسية وتجارية وثقافية مع بعض الدول العربية، تسعى إسرائيل إلى كسر العزلة التي تفرضها عليها BDS، وإضفاء الشرعية على وجودها في المنطقة.
  • الإنفاق الهائل على الدعاية المضادة: أنشأت إسرائيل وزارة متخصصة لمحاربة BDS، ورصدت لها ميزانية ضخمة. بالإضافة إلى ذلك، ينفق اللوبي الإسرائيلي مبالغ طائلة على الدعاية والإعلام والقضايا القانونية بهدف تقويض حركة المقاطعة.

4. استراتيجيات BDS: كيف تحقق الحركة أهدافها؟

  • المقاطعة الشاملة: تدعو BDS إلى مقاطعة إسرائيل أكاديميًا وثقافيًا ورياضيًا واقتصاديًا وماليًا وعسكريًا. تهدف المقاطعة إلى عزل إسرائيل وشل قدرتها على الاستمرار في انتهاك القانون الدولي.
  • سحب الاستثمارات: تعمل BDS على إقناع الشركات والمؤسسات بسحب استثماراتها من إسرائيل والشركات المتواطئة معها. يهدف سحب الاستثمارات إلى الضغط على إسرائيل اقتصاديًا وتقويض قدرتها على تمويل الاحتلال والاستيطان.
  • فرض العقوبات: تسعى BDS إلى فرض عقوبات على إسرائيل على غرار تلك التي فرضت على نظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا. تهدف العقوبات إلى الضغط على إسرائيل سياسيًا واقتصاديًا لإجبارها على الامتثال للقانون الدولي.
  • بناء القوة من الأسفل إلى الأعلى: تؤمن BDS ببناء القوة من القاعدة الشعبية، من خلال تعزيز الوعي والتضامن وتوسيع شبكة الشركاء والتحالفات. تهدف الحركة إلى التأثير في صناع القرار من خلال الضغط الشعبي المتزايد.

5. أمثلة على نجاحات BDS:

  • انسحاب فيوليا من إسرائيل: بعد سنوات من الضغط والمقاطعة، اضطرت شركة فيوليا الفرنسية للانسحاب من إسرائيل عام 2015، بعد خسارة عقود بمليارات الدولارات.
  • إنهاء رعاية بوما لاتحاد كرة القدم الإسرائيلي: بعد حملة مقاطعة واسعة، أعلنت شركة بوما الألمانية للملابس الرياضية إنهاء رعايتها لاتحاد كرة القدم الإسرائيلي في عام 2023.
  • إلغاء مشروع انتل في إسرائيل: ساهمت BDS في إقناع شركة انتل الأمريكية العملاقة للرقائق الإلكترونية بتعليق مشروع بناء مصنع جديد في إسرائيل بتكلفة 25 مليار دولار.
  • منع تصدير الفحم من كولومبيا إلى إسرائيل: نجحت BDS في الضغط على الحكومة الكولومبية لمنع تصدير الفحم إلى إسرائيل، في خطوة تعتبر ضربة قوية للاقتصاد الإسرائيلي.

6. المقاطعة بعد السابع من أكتوبر: تحول نوعي

  • تزايد الوعي والتضامن: أدت الأحداث المأساوية في غزة إلى تزايد الوعي بالقضية الفلسطينية وتصاعد التضامن مع الشعب الفلسطيني.
  • انطلاق المقاطعات الشعبية: شهد العالم انطلاق موجة واسعة من المقاطعات الشعبية للمنتجات والشركات الداعمة لإسرائيل، بقيادة شباب متحمسين ومستقلين.
  • تأثير مضاعف لحملات BDS: أدت المقاطعات الشعبية إلى تضخيم تأثير حملات BDS، وتحقيق نتائج لم تكن ممكنة من قبل.
  • توسيع نطاق المقاطعة: لم تعد المقاطعة تقتصر على الشركات الإسرائيلية، بل امتدت لتشمل الشركات متعددة الجنسيات المتواطئة مع الاحتلال.

7. المقاطعة الفنية والثقافية: سلاح فعال ضد غسل الدماغ

  • مقاومة احتلال العقول: تلعب المقاطعة الفنية والثقافية دورًا هامًا في مقاومة احتلال العقول ومواجهة الدعاية الإسرائيلية المضللة.
  • بث الأمل وتغيير الوعي: تساهم المقاطعة الفنية في بث الأمل في نفوس الفلسطينيين وتغيير الوعي السائد حول القضية الفلسطينية.
  • إجبار المؤسسات الثقافية على التراجع: تسببت المقاطعة الفنية في إجبار العديد من المهرجانات والمؤسسات الثقافية على إلغاء فعاليات إسرائيلية أو رفض الدعم الإسرائيلي.

8. هل يمكن الاكتفاء بالمقاطعة كشكل وحيد للدعم؟

  • المقاومة المتعددة الأوجه: تؤكد BDS على أهمية المقاومة المتعددة الأوجه، وتشجع على دعم الشعب الفلسطيني بكل الوسائل الممكنة.
  • المقاطعة مكملة وليست بديلة: تعتبر BDS المقاطعة شكلًا هامًا من أشكال المقاومة، لكنها ليست بديلة عن أشكال أخرى من النضال، مثل الدعم المالي والإعلامي والسياسي.
  • واجب التضامن: تدعو BDS إلى قطع علاقات التواطؤ مع نظام الاحتلال الإسرائيلي، وتعتبر ذلك واجبًا أخلاقيًا وقانونيًا، وليس مجرد عمل خيري.

9. أهمية مناهضة التطبيع:

  • مواجهة احتلال العقول: تعتبر BDS مناهضة التطبيع من أهم الأولويات، بهدف مواجهة احتلال العقول ومقاومة محاولات تكرس التطبيع كأمر واقع لا يمكن تغييره.
  • رفض الشراكة العسكرية والأمنية: تدعو BDS إلى مقاطعة كل الأنشطة والشركات والمؤسسات التابعة للأنظمة العربية التي تقيم شراكات عسكرية وأمنية مع إسرائيل.

10. رسالة إلى الشباب العربي:

  • المقاومة المجدية: تدعو BDS الشباب العربي إلى الانخراط في المقاومة الفعالة والمجدية، من خلال المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.
  • تحويل الغضب إلى طاقة إيجابية: تشجع BDS الشباب على تحويل غضبهم وحزنهم إلى طاقة إيجابية تقطع علاقات التواطؤ مع نظام الاحتلال الإسرائيلي.
  • التأثير ممكن: تؤكد BDS أن كل فرد يستطيع أن يؤثر ويحدث فرقًا، مهما كان موقعه أو قدراته.

الخاتمة:

في ختام هذا الحوار الشيق مع السيد عمر البرغوثي، ندرك أن المقاطعة ليست مجرد شعار أو ردة فعل عاطفية، بل هي استراتيجية مدروسة وفعالة لتحقيق العدالة في فلسطين. BDS ليست الحل الوحيد، لكنها أداة قوية يمكن أن تحدث فرقًا حقيقيًا، إذا ما تم تبنيها وتطبيقها بشكل صحيح. فلنستلهم من تجربة BDS، ولنعمل معًا من أجل عالم أكثر عدلاً وإنصافًا، عالم تتحقق فيه تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والعودة وتقرير المصير.

شاهد الحلقة كاملة ولا تنس التعليق والمشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى